حقوقيون بلاحدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دراسة نقدية لقانون الأسرة الجزائري من الناجية الشرعية-للأستاذ:بويزري بآث عيسى-الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل

دراسة نقدية لقانون الأسرة الجزائري من الناجية الشرعية-للأستاذ:بويزري بآث عيسى-الجزء الثاني Empty دراسة نقدية لقانون الأسرة الجزائري من الناجية الشرعية-للأستاذ:بويزري بآث عيسى-الجزء الثاني

مُساهمة  Admin الإثنين مارس 02, 2009 4:50 pm

خامسا: قانون الأسرة في الميزان

- أ- الإيجابيات: يمكن حصر إيجابيات قانون الأسرة فيما يلي:

-1- المرجعية الشرعية لقانون الأسرة[11]: وهي أولى إيجابياته، بحيث أن المشرع الجزائري اعتمد أساسا عند تقنينه على الشرعية الإسلامية، وقد ورد في ديباجة المشروع التمهيدي ما يلي: "اعتمدت اللجنة في وضع هذه النصوص على المصادر الأساسية التالية:

- القرآن الكريم.

- النبوية الثابتة ثبوتا مقبولا عند علماء الحديث.

- السنة الإجماع.

- القياس.

- الاجتهاد.

- الفقه على المذاهب الأربعة وعلى غيرها في بعض المسائل..."

-2- مجاراته لعرف المجتمع الجزائري: فهو لم يصطدم بما تعارف عليه أفراد المجتمع من أعراف وأحكام، فاستعماله مثلا: لكلمة "الفاتحة" في المادة السادسة دليل على ذلك، إذا عرفنا أن المراد من استعمالها هو التعبير عن عقد الزواج الذي يتم طبقا للشريعة الإسلامية، إذ ألِف الناس قراءة سورة الفاتحة بعد تمام العقد الشرعي، ثم أصبح يُعبَر عنه "بالفاتحة".

-3- استيعابه لمعظم الأحكام الخاصة بالأسرة: وذلك بصياغة قانونية مقبولة للأحكام الشرعية يسهل تطبيقها من قبل القضاة، والعودة إليها من قبل رجال الشريعة والقانون على السواء.

-4- الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية عند عدم ورود النص[12] فقد نصت المادة 222 على ما يلي: ((كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية))، فهذا النص يسمح للقاضي العودة إلى أحكام الشريعة الإسلامية – دون تحديد لمذهب فقهي معين – إذا عُرِضت عليه مسألة لم يرد بشأنها نص قانوني.

- ب- السلبيات: يحتوي قانون الأسرة على بعض السلبيات (النقائص) في المواد التي تحتاج إلى تعديل أو إثراء أهمها ما يلي:

-1- المادة 6: ((... تخضع الخطبة والفاتحة لنفس الأحكام المبينة في المادة 5 أعلاه )).

لا يصح إخضاع الفاتحة لأحكام الخطبة للاختلاف القائم بين الإجراءين، فإذا كانت الخطبة وعدا بالزواج فإن إجراء "الفاتحة" يعتبر زواجا من الناحية العرفية ولا ينقصه سوى التسجيل على مستوى الحالة المدنية، وهو ما يقره القانون في المادة 22: ((يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية، وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرت أركانه وفقا لهذا القانون...))، وهو ما كانت تقضي به الجهات القضائية قبل صدور قانون الأسرة، ومن أمثلة ذلك ما جاء في قرار المجلس الأعلى (المحكمة العليا حاليا) الصادر بتاريخ 22/11/1982 في القضية رقم 28784 حيث قضى بما يلي: ((يعتبر كل زواج صحيحا إذا توفرت أركانه ولو كان غير مسجل بالحالة المدنية و تترتب عليه أثاره)).

-2- المادة 7: نصت على أهلية الزواج كما يلي[13] ((تكتمل أهلية الرجل في الزواج بتمام 21 سنة والمرأة بتمام 18 سنة، وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذ لك لمصلحة أو ضرورة)).

يلاحَظ على هذه المادة الملاحظات الآتية:

أولا: عدم بيان المادة للآثار القانونية المترتبة عن الزواج الحاصل قبل بلوغ الزوجين أو أحدهما السن القانونية.

ثانيا: إغفالها للعقوبة التي تسلط على كل مخالف لمقتضاها.

ثالثا: إغفالها للحد الأدنى الذي لا يصح للقاضي أن ينزل دونه عند تقرير الإعفاء للزوجين أو أحدهما[14].

وجاء في القانون رقم 224/63[15] ما يلي:

مادة 1: ((ليس للرجل قبل بلوغه ثماني عشرة سنة كاملة ولا للمرأة قبل بلوغها لست عشرة سنة كاملة أن يعقد زواجهما))، ومع ذلك فلرئيس المحكمة الكلية أن يمنح بناء على دوافع قوية بعد أخذ رأي مفوض الدولة الإذن بالإعفاء من شرط السن.

مادة 2: ((يعاقب كل من ضابط الأحوال المدنية أو القاضي (المأذون) والزوجان وممثلوهما القانونيون ومن أسهم معهم الذين لم يراعوا السن بالحبس من خمسة عشر يوما إلى ثلاثة أشهر، وبغرامة من أربعمائة إلى ألف فرنك جديد، أو بإحدى هاتين العقوبتين)).

مادة 3: ((يبطل كل زواج لم يحصل فيه دخول تم عقده على خلاف ما تقضي به المادة الأولى، ويجوز الطعن فيه من قبل الزوجين أنفسهما أو من جانب كل ذي مصلحة أو من جانب السلطة العامة، فإن كان قد حصل فيه دخول لم يصح الطعن فيه إلا من جانب الزوج فحسب))[16].

مادة 4: ((ومع هذا فإن الزواج المعقود من زوجين لم يبلغا السن المقررة، أو الذي لم يبلغ فيه أحدهما هذه السن لا يصح الطعن فيه في الحالتين الآتيتين:

أولا: إذا كان الزوجان قد بلغا السن القانونية.

ثانيا: إذا كانت الزوجة لم تبلغ السن وقد حملت)).

وبالمقارنة بين ما ورد في قانون الأسرة وما جاء في القانون رقم 224/63 نخلص إلى النتائج الآتية:

أولا: تلغي المادة 7 من قانون الأسرة حكم المادة 01 من قانون 224/63.

ثانيا: جواز تطبيق أحكام المواد: 2، 3، 4 وذلك لعدم وجود ما يماثلها من الأحكام في قانون الأسرة الحالي، إضافة إلى عدم وجود نص يلغيها، إذ تقضي المادة 223 بإلغاء الأحكام المخالفة دون غيرها[17].

-3- المادة 30: ((... ويحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها، سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم أو من الرضاع)).

يمكن إعادة صياغة هذه الفقرة كالآتي: ((يحرم الجمع بين محرمين)).

-4- التعليق على المواد[18] 9، 32، 33: لقد حدد المشرع الجزائري أركان عقد الزواج في المادة 9 وهي: رضا الزوجين، ولي الزوجة وشاهدين وصداق، وكان من باب اللزوم المنطقي أن يرتب حكم البطلان[19] .عند غياب أحد الأركان لا حكام الفسخ كما جاء في المادتين 32 و 33.

ويكون العقد باطلا في حالة تخلف أكثر من ركن واحد طبقا للمادة 33، ويلاحظ عدم ورود ركن الرضا مما قد يُفهم منه أنه الركن الوحيد الذي يؤدي تخلفه بمفرده إلى الحكم بالبطلان على عقد الزواج.

-5- المادة 31: تضاف إليها الفقرة الآتية: ((لا يجوز زواج المسلم بغير ذات الدين)).

-6- تلغى الفقرتان: 2 و3 من المادة 39 لورود مضمونها في المادة 36.

-7- التعليق على المادتين (49 و 50)[20]: نصت المادة 49 على ما يلي: ((لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي دون أن تتجاوز هذه المدة ثلاثة أشهر)).

يُفهَم من هذه المادة حصر وسيلة إثبات الطلاق في الحكم الصادر من الجهة القضائية، مما يُفهَم منه تجريد الطلاق الذي قد يلفظ به الزوج من كل قيمة قانونية، وهذا ما يناقض نص المادة 50 التي تقرر: ((من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد، ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج إلى عقد جديد)).

فورود لفظ "راجع" يفهم منه اعتبار الطلاق الذي تلفظ به الزوج – قبل صدور الحكم – طلاقا رجعيا.

وينتج عن تطبيق المادتين بروز ظاهرة ازدواجية العدة في حالة تلفظ الزوج بالطلاق وتأجيل رفع الدعوى أمام المحكمة لاستصدار حكم الطلاق، فيبدأ في حساب العدة الشرعية من تاريخ الطلاق الصادر من قبل الزوج، وتبدأ العدة القانونية من تاريخ صدور حكم الطلاق، وذلك يؤدي إلى عدة إشكالات وتناقضات محتملة بين الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة على عدة مستويات.

فإذا افترضنا وقوع الطلاق من قبل الزوج بتاريخ: 01/01/99 وتم رفع دعوى قضائية لاستصدار حكم الطلاق بتاريخ: 25/04/99 (أي بعد فوات العدة الشرعية) فالقانون يتيح مجالا للصلح في أجل أقصاه ثلاثة أشهر بعد رفع الدعوى، فإذا عقد القاضي جلسة الصلح بين الزوجين يوم: 25/05/99 وتم الصلح بينهما فإن الرجعة تتم بدون عقد جديد طبقا للمادة 50، وهذا ما لا يتفق والشريعة الإسلامية لبينونة الطلاق[21] بعد انقضاء العدة الشرعية، فيحتاج الزوج في هذه الحالة إلى إبرام عقد شرعي جديد.

كما يمكن تصور تناقضات أخرى حسب الافتراض السابق منها:

أولا: يجوز خطبة المطلقة – بعد فوات عدتها الشرعية – شرعا ولا يجوز ذلك قانونا.

ثانيا: يجوز زواجها بعد ذلك شرعا، ولا يجوز ذلك قانونا لقيام العلاقة الزوجية، بل يجوز لزوجها متابعتها جزائيا.

ثالثا: يحل مؤخر صداقها شرعا لا قانونا.

رابعا: إذا توفي زوجها المطلق – بعد فوات العدة الشرعية – فلا ميراث لمطلقته شرعا، ولكنها ترثه قانونا لعدم انفكاك الرابطة الزوجية قضائيا.

ويمكن تفادي تلك التناقضات بأحد أمرين هما:

الأول: إصدار حكم الطلاق بأثر رجعي يعود إلى وقت تلفظ الزوج بالطلاق، ويبقى هذا الحل مؤقتا وجزئيا.

الثاني: ربط جلسة الصلح الواردة في المادتين:49، 50 بفترة العدة الشرعية.

ويعاد صياغتها كالآتي:

المادة 49: ((لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من قبل القاضي خلال فترة العدة الشرعية)).

المادة 50: ((من راجع زوجته أثناء فترة العدة الشرعية في الطلاق الرجعي لا يحتاج إلى عقد جديد، ويحتاج إلى عقد ومهر جديدين بعد فوات أو صدور الحكم بالطلاق)).

-8- تعاد صياغة المادة 54 المتعلقة بالخلع بالشكل الذي لا يدع مجالا للتأويل بشأن اشتراط موافقة الزوج على مبدأ الخلع من عدمه.

-9- تعاد صياغة المادة 57 بشكل يميز بين الحكم الصادر بالطلاق والتطليق، بحيث يُمنَع الاستئناف في أحكام الطلاق باعتبارها كاشفة، ويجيزه في أحكام التطليق باعتبارها منشئة، ويبقى الاستئناف جائزا بإطلاق في المسائل المادية.

-10- يضاف اختلاف الدين كمانع من موانع الإرث للمادتين: 135، 138.

-11- اقتصرت المادة 168 على ذكر الصنف الأول من ذوي الأحكام، فتضاف الأصناف الثلاثة الأخرى كما هو منصوص عليها في المشروع التمهيدي لقانون الأحوال الشخصية الجزائري[22].



خاتمة

من خلال ما سبق نَخلُص إلى النتائج الآتية:

أولا: ضرورة إثراء قانون الأسرة الجزائري.

ثانيا: ضرورة استعانة الهيئة التشريعية بأهل الخبرة الذين يتصلون بمسائل الأحوال الشخصية.

ثالثا: عدم المساس بالمواد التي احتوت على أحكام شرعية ثابتة بنصوص قطعية، فلا اجتهاد في مورد النص.

رابعا: ضرورة إعداد قضاة متخصصين في مسائل الأحوال الشخصية.

خامسا: ضرورة وضع قانون إجراءات خاص بالأحوال الشخصية.

سادسا: ضرورة اهتمام مؤسسات الدولة والمجتمع بالأسرة، والسهر على حفظ كيانها، لأن القانون وحده لا يصنع الأسرة القدوة مهما اكتمل.
Admin
Admin
Admin

المساهمات : 24
تاريخ التسجيل : 24/01/2009
العمر : 38

https://juristescertainement.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى